ميانمار: بناء قواعد عسكرية على أنقاض قرى الروهينغيا المحروقة

[vc_row full_width=”stretch_row_content_no_spaces”][vc_column][vc_single_image image=”4576″ img_size=”full” add_caption=”yes” label=””][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]

في تقرير موجز صدر اليوم، قالت منظمة العفو الدولية إنه عسكرة ولاية أراكان في ميانمار تجري بوتيرة مثيرة للقلق، بينما تقوم قوات الأمن ببناء القواعد العسكرية، وتجريف الأراضي التي أُحرقت فيها قرى الروهينغيا وسُويت بالأرض قبل عدة أشهر فقط.

ويُظهر التقرير المعنون بـ “إعادة بناء ولاية أراكان”، من خلال شهادات شهود العيان، وتحليلات الخبراء لصور الأقمار الاصطناعية، أن تسوية قرى الروهينغيا بالأرض، وإقامة المنشآت الجديدة عليها ازدادت حدة منذ يناير/كانون الثاني في المناطق التي فرَّ منها مئات الآلاف من أتون حملة التطهير العرقي التي شنَّها الجيش في العام الماضي. ويتم شق طرق جديدة، وبناء منشآت جديدة على أنقاض قرى الروهينغيا وأراضيهم مما يجعل عودة اللاجئين إلى ديارهم أقل احتمالاً.

وقالت تيرانا حسن، مديرة برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية: “إن ما نراه في ولاية أراكان هو استيلاء الجيش على الأراضي على نطاق واسع للغاية. إذ يتم إنشاء قواعد لإيواء قوات الأمن نفسها التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بحق الروهينغيا”.

“إن ذلك يُبعد آفاق العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين الروهينغيا؛ إذ أن منازلهم أُزيلت، بينما تكرِّس المنشآت الجديدة التمييز اللاإنساني أصلاً الذي واجهوه في ميانمار”.

التجريف والتدمير

في 25 أغسطس/آب 2017، شنَّت سلطات ميانمار حملة تطهير عرقي بغيض قبل نحو ستة أشهر، وذلك رداً على الهجمات التي نفذتها الجماعة المسلحة الروهينغية المعروفة باسم “جيش إنقاذ روهينغيا أراكان” (أسرا)

وقد قتل الجيش نساءً ورجالاً وأطفالاً، واقترف عمليات اغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وأضرموا النار بمئات القرى على نحو ممنهج، وارتكب جرائم ضد الإنسانية بشكل واضح. وقد فرّ أكثر من 670.000 شخص إلى بنغلاديش.

ومع أن العنف الذي اجتاح ولاية أراكان خفَّتْ حدته، فقد استمرت الحملة الرامية إلى طرد السكان الروهينغيا من أرض وطنهم –وضمان عدم عودتهم- لكنها اتخذت أشكالاً جديدة .

وتُظهر آخر بحوث منظمة العفو الدولية كيف تم هدم قرى بأكملها تضم منازل محروقة للروهينغيا منذ يناير/كانون الثاني. وكيف تمت إزالة الأشجار المحيطة بها وغيرها من المزروعات، مما يجعل من الصعب تمييز قسم كبير من المشاهد الطبيعية. إن هذا أمر يثير بواعث قلق من أن السلطات تقوم بإتلاف الأدلة على ارتكاب جرائم ضد الروهينيغيا، مما يمكن أن يعيق التحقيقات في المستقبل. وقالت تيرانا حسن: “إن هدم قرى بأكملها أمر مثير للقلق العميق. وتعمد سلطات ميانمار إلى محو الأدلة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مما يجعل المحاولات المستقبلية لإخضاع المسؤولين للمساءلة أمراً صعباً للغاية”.

كما قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق أمثلة حديثة على عمليات السلب والنهب، وإضرام النار المتعمد، وهدم المنازل والمساجد المهجورة للروهينغيا في شتى أنحاء ولاية أراكان الشمالية.

إنشاء بنية تحتية جديدة لقوات الأمن

لعل ما هو أسوأ من عملية الهدم هو ما يتم بناؤه في مكانه. فقد أطلقت السلطات عمليات ترمي إلى توسيع البنية التحتية الأمنية بسرعة في شتى أنحاء ولاية أركان، بما في ذلك قواعد عسكرية لإيواء أفراد الجيش والشرطة وحرس الحدود، فضلاً عن مهابط الطائرات المروحية.

إن وتيرة الإنشاءات مخيفة. وتُظهر الأقمار الاصطناعية كيف يتم إنشاء قواعد جديدة على أنقاض أراضي الروهينغيا المحروقة في بضعة أشهر فقط، حيث تمت إزالة قرى بأكملها وحتى الغابات القريبة منها بغية إفساح المجال لإقامة منشآت جديدة.

وأكَّد تحليل صور الأقمار الصناعية لدى منظمة العفو الدولية أنه يجري بناء ما لا يقل عن ثلاث قواعد أمنية جديدة في ولاية أراكان الشمالية – اثنتان في بلدة مونغداو، وواحدة في بلدة بوثيدونغ. ويبدو أن الإنشاءات بدأت في يناير/ كانون الثاني.

أما أكبر القواعد الجديدة في قرية “آه ليل تشونغ” في بلدة بوثيدونغ، حيث قال شهود عيان إن الجيش أخلى السكان الروهينيغيا قسراً من مناطق معينة بهدف إفساح المجال للإنشاءات، ولم يكن أمام العديد من أهالي القرى أي خيار سوى الفرار إلى بنغلاديش.

فقد قال رجل في الحادية والثلاثين من العمر، كان قد فرَّ إلى بنغلاديش في يناير/كانون الثاني عندما قام الجيش ببناء جدار جديد ومركز أمني بالقرب من القرية: “إن الناس يشعرون بالرعب. ولا أحد منهم يريد البقاء لأنهم يخشون التعرُّض لمزيد من العنف”.

وفي قرية “إن دين”، التي كانت ذات يوم مختلطة الأعراق، وحيث وثَّقت منظمة العفو الدولية كيف قتلت قوات الأمن وعملاؤها القرويين الروهينغيا وأضرموا النار بمنازلهم في أواخر أغسطس/آب ومطلع سبتمبر/أيلول 2017، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية ما يبدو أنه قاعدة لقوة أمنية أُقيمت في الجزء من القرية الذي كان يقطنه الروهينيغيا.

مراكز إيواء واستقبال اللاجئين

تُظهر صور الأقمار الاصطناعية كيف تُحاط مراكز استقبال اللاجئين الجديدة المقامة “للترحيب” بأفراد الروهينغيا الذي يعودون من بنغلاديش بقوات الأمن، وكيف تُقام بالقرب من مناطق تشهد وجوداً كثيفاً للجيش وأفراد حرس الحدود. وقد تم إنشاء مراكز عبور (ترانزيت) جديدة مؤقتة لإيواء الروهينغيا العائدين فوق قرية محترقة للسكان الروهينغيا في بلدة مونغداو، كما تُظهر الصور علامات على وجود أمني مكثف.

وثمة بواعث قلق عميق من أن سلطات ميانمار تخطط لإيواء الروهينغيا في تلك المراكز لفترة طويلة، وتقييد حرية تنقلهم. واحتُجز عشرات الآلاف من الروهينغيا ممن طُردوا من منازلهم إبان موجات العنف التي وقعت في عام 2012، في سجون في الهواء الطلق لعدة سنوات في معسكرات نزوح قذرة. ويعتمد معظمهم على المساعدات لسد احتياجاتهم الأساسية.

وذكر شهود عيان لمنظمة العفو الدولية أن أُناساً من غير الروهينغيا كانوا يعيشون في قرى جديدة أُنشئت على أنقاض منازل الروهينيغيا المحروقة ومزارعهم على مدى الأشهر الماضية. وهذا أمر مثير للقلق منذ أن قامت السلطات في الماضي بإعادة توطين أفراد جماعات أثنية أخرى في ولاية أراكان كجزء من الجهود الرامية إلى تطوير المنطقة.

وقالت تيرانا حسن: “تعتبر ولاية أراكان إحدى المناطق الأشد فقراً في ميانمار. وثمة حاجة ماسة إلى الاستثمار في التنمية. ولكن مثل تلك الجهود يجب أن تفيد كل شخص في الولاية بغض النظر عن أصله العرقي، لا أن ترسخ نظام “الفصل العنصري” ضد شعب الروهينغيا.

وتتم عملية إعادة بناء ولاية أركان في مناخ من السرية. ولا يجوز السماح للسلطات بالاستمرار في حملة التطهير العرقي التي تنفذها باسم التنمية.

وعلى عاتق المجتمع الدولي، ولاسيما كل دولة مانحة، يقع واجب التأكد من أن أي استثمارات أو مساعدات يقدمها لا تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان، وإن الإسهام في ترسيخ نظام ينطوي على تمييز منهجي ضد الروهينغيا ويجعل عودة اللاجئين إلى ديارهم امراً أقل احتمالاً، يمكن أن يصل إلى حد المساعدة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”.

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]