الولايات المتحدة الأمريكية: ضعوا حداً لعنف الشرطة غير القانوني ضد احتجاجات حركة “حياة السود مهمة”

 قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن قوات الشرطة في أنحاء الولايات المتحدة قد ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق وصارخة لحقوق الإنسان ضد المحتجين على عمليات القتل غير المشروع للسود، مطالبة بإصلاح الشرطة. وأطلقت المنظمة خريطة تفاعلية عبر الإنترنت لحوادث عنف الشرطة (باللغة الإنكليزية)، وحملة جديدة تدعو إلى إحداث تغييرات شاملة في عمل الشرطة.

وقد وثقت منظمة العفو الدولية 125 مثالاً منفصلاً على عنف الشرطة ضد المحتجين في 40 ولاية، ومقاطعة كولومبيا في الفترة ما بين 26 مايو/أيار و 5 يونيو/حزيران 2020، وهي الفترة التي احتج فيها مئات الآلاف في الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى، ضد العنصرية وعنف الشرطةللتأكيد على أن “حياة السود مهمة”. يُظهر التحليل أن ضباط إنفاذ القانون ينتهكون حقوق الإنسان بشكل يومي في الشوارع بدلاً من الوفاء بالتزاماتهم باحترام وتسهيل حق الناس في الاحتجاج السلمي.

ويشمل هذا الاستخدام غير القانوني للقوة الضرب وإساءة استخدام الغاز المسيل للدموع، ورذاذ الفلفل، وإطلاق مقذوفات أقل فتكاً، مثل القذائف الإسفنجية والرصاص المطاطي وقد ارتكبت هذه الانتهاكات على أيدي مجموعة من قوات الأمن من دوائر الشرطة الحكومية والمحلية والوكالات الفيدرالية والحرس الوطني.

فالتحليل واضح: عندما خرج نشطاء ومؤيدي حركة “حياة السود مهمة” إلى الشوارع في المدن والبلدات في جميع أنحاء الولايات المتحدة للمطالبة بشكل سلمي بوضع حد للعنصرية الممنهجة، وعنف الشرطة، جوبهوا في الغالب برد عسكري ومزيد من عنف الشرطة.

بريان كاستنر، كبير مستشاري الأزمات بشأن الأسلحة والعمليات العسكرية في منظمة العفو الدولية

“لقد انقضى وقت تطبيق الإجراءات البسيطة واختلاق الأعذار من أجل “قلة فاسدة “. والمطلوب الآن هو الإصلاح المنهجي والجذري والشامل للشرطة الأمريكية الذي يضع نهاية لويلات استخدام الشرطة للقوة المفرطة، وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء ضد السود. ولا ينبغي أن تعيش المجتمعات في خوف من التعرض للأذى من قبل الضباط الذين أقسموا اليمين لحمايتهم. ويجب مساءلة الضباط المسؤولين عن استخدام القوة المفرطة، والقتل غير المشروع. “

 تحقيق لمصدر متاح علناً في احتجاجات الولايات المتحدة

 لتقييم هذه الحوادث، جمع مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية ما يقرب من 500 مقطع فيديو وصورة للاحتجاجات من منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

ثم تم التحقق من هذا المحتوى الرقمي، وتحديد موقعه الجغرافي وتحليله من قبل محققين من ذوي الخبرة في الأسلحة، وتكتيكات الشرطة، والقوانين الدولية والأمريكية التي تحكم استخدام القوة.

وفي بعض الحالات، تمكن الباحثون أيضا من التحدث مع الضحايا، والتأكد من سلوك الشرطة مع دوائر الشرطة المحلية.  

العنف الذي تمارسه الشرطة في العشرات من الولايات

 كما تبين الخريطة، يكشف تحليل منظمة العفو الدولية عن مجموعة مروعة من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الشرطة في مختلف أنحاء البلاد، من بينها  80%  من  الولايات الأميركية.

ففي 30 مايو/أيار، قامت دورية مشتركة من أفراد شرطة مينيابوليس والحرس الوطني في مينيسوتا بإطلاق قذائف 37/40 ملم من صنع الولايات المتحدة على أشخاص كانوا يقفون سلمياً في شرفات منازلهم. وبعد مواجهة الأشخاص الذين يسجلون ما يجري باستخدام هواتفهم الذكية، أمرتهم القوات “بالدخول إلى منازلهم” ثم صرخوا “أرشقهم بالرصاص” قبل إطلاق النار عليهم.

في 1 يونيو/حزيران، ارتكب أفراد من الأمن من مجموعة مختلفة من الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك شرطة المنتزه الوطني ومكتب السجون، فضلاً عن أفراد الحرس الوطني، مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان ضد المحتجين في ساحة لافاييت في واشنطن العاصمة. فقد استخدموا دروع مكافحة الشغب لدفع المتظاهرين والعاملين في وسائل الإعلام ، وأساءوا استخدام مجموعة متنوعة من أدوات السيطرة على الحشود، وألقوا قنابل يدوية مصنعة في الولايات المتحدة ، والتي تحتوي على رذاذ الفلفل، وتنفجر في تأثير “ارتجاجي مفاجئ”، وإلقاء الرصاص المطاطي بشكل عشوائي في جميع الاتجاهات. وقد تم الإبلاغ عن الهجوم، الذي سبق التقاط صورة للرئيس ترامب أمام كنيسة مجاورة، على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام، بما في ذلك مقطع فيديو مطول من قبل واشنطن بوست والذي به ساهمت منظمة العفو الدولية تحليل الأسلحة والتكيكات.

وفي 1 يونيو/حزيران أيضاً، استخدمت شرطة الولاية والمدينة في وسط مدينة فيلادلفيا كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق عشرات المحتجين السلميين من طريق فاين ستريت السريع. وقالت إحدى المحتجات وقد تأثرت بالغاز، وهي ليزي هورن، وطالبة حاخامية، لمنظمة العفو الدولية:

“فجأة، بدأوا في رش رذاذ الفلفل على الحشد. وكان هناك ضابط واحد في الوسط يقوم بالرش كذلك. ثم بدأوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع. بدأ شخص ما كان في المقدمة بالركض للخلف – وقد أصيب بقنبلة غاز مسيل للدموع في رأسه. وكنا نحاول مساعدته، وشطف عينيه، ثم أغمي عليه ودخل في نوبة. وجاء بسرعة كبيرة. وعندما نجحنابحمله وبدأنا بالابتعاد  عن الطريق، بدأوا في إطلاق المزيد من الغاز المسيل للدموع؛ حينها بدأ الناس يشعرون بالخوف فعلاً. بدأوا بإطلاق الغاز بشكل كثيف – كنا أمام سياج كبير، واضطر الناس للقفز فوقه، فوق تل منحدر. ربما كان ارتفاع السياج ستة أقدام. بدأ الناس يرفعون أيديهم – لكن رجال الشرطة لم يتوقفوا عن إطلاق الغاز. أخذوا يطلقون عبوة إثر عبوة. فقد غُمرنا بالغاز. كنا نسيل اللعاب ونسعل بلا توقف.

“ثم جاءت الشرطة من الجانب الآخر من السياج، وبدأت في إطلاق الغاز من هذا الاتجاه. بعد ذلك، بدأت الشرطة في صعود التل و … كانوا يضربون الناس ويواجهونهم. كانوا يسحبون الناس إلى أسفل التل ويجبرونهم على الركوع على ركبهم، ويصطفونهم وهم يركعون في الوسط على الطريق السريع مقيدي الأيدي، وينزعون كماماتهم ويطلقون عليهم الغاز مرة أخرى”.

ولم تقتصر الانتهاكات على المدن الكبرى. فقد استخدمت الشرطة المحلية الغاز المسيل للدموع بشكل غير مناسب، ضد المحتجين السلميين في لويزفيل، وكنتاكي، ومورفريسبورو، وتينيسي، وسيوكس فولز، وداكوتا الجنوبية، وألبوكيرك، ونيو مكسيكو، من بين مدن وبلدات الأخرى. وفي 30 مايو/أيار، في فورت واين بإنديانا، فقد صحفي محلي عينه عندما أطلقت الشرطة النار عليه في وجهه بقنبلة غاز مسيل للدموع.

 التحليل القانوني لاستخدام القوة

 ينتهك الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين كلاً من دستور الولايات المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتقع على عاتق أجهزة إنفاذ القانون على جميع المستويات مسؤولية احترام وحماية وتسهيل التجمعات السلمية.

وعلى الرغم من أن غالبية المحتجين كانوا سلميين، فقد استخدم بعضهم العنف. ولكن في العديد من الحالات، وبدلاً من الرد على الانتهاكات الفردية، استخدمت قوات الأمن قوة غير متناسبة وعشوائية ضد المحتجين جميعاً.

فلا يمكن لقوات الأمن اللجوء إلى القوة في التجمعات العامة إلا عندما يكون من الضروري والمتناسب تماماً لتحقيق هدف مشروع لإنفاذ القانون، رداً على أعمال العنف الخطيرة التي تهدد حياة الآخرين أو حقوقهم. وحتى حينئذ، يجب على السلطات التمييز بدقة بين المتظاهرين السلميين أو المارة، وأي فرد يشارك فعلياً في العنف. فأعمال العنف التي يرتكبها الفرد لا تبرر أبدًا الاستخدام غير المتناسب للقوة ضد المحتجين السلميين بشكل عام، والقوة مبررة فقط حتى يتم احتواء التهديد المباشر بالعنف تجاه الآخرين.

ويجب ألا تميز أي قيود على التجمعات العامة – بما في ذلك استخدام القوة ضد المتظاهرين – على أساس العرق أو الإثنية أو الأيديولوجية السياسية أو أي مجموعة اجتماعية أخرى.

 حاجة ماسة إلى إصلاح الشرطة

 في أمر تنفيذي صدر في 16 يونيو/حزيران، دعا الرئيس ترامب إلى تقديم مبادرات للحد من استخدام وضعية الخنق من النوع الذي قتل جورج فلويد في مينيابوليس الشهر الماضي، وكذلك قاعدة بيانات وطنية حول مزاعم القوة المفرطة من قبل الشرطة. كما أطلقت بعض قوات شرطة الولاية والمدينة إصلاحات جزئية محليًا منذ بدء الاحتجاجات، مثل تعليق استخدام بعض أسلحة السيطرة على الحشود مثل الغاز المسيل للدموع. وفي مينيابوليس، تعهدت غالبية مجلس المدينة بحل قوات الشرطة واستبدالها بمؤسسات أكثر فعالية للسلامة العامة.

وتطالب منظمة العفو الدولية بإصلاحات حقيقية ودائمة للشرطة الأمريكية في جميع المجالات، بما في ذلك:

  • وقف عمليات الإعدام التي تتم خارج نطاق القضاء من قبل الشرطة ضد السود، ومحاسبة المسؤولين عن مقتلهم، من خلال تحقيقات مستقلة ومحايدة تؤدي إلى تعويض الضحايا والناجين؛
  • ضمان الحق في الاحتجاج السلمي ضد عنف الشرطة، بدون تهديد المحتجين أو الصحفيين أو المارة باستهدافهم بالمزيد من عنف الشرطة؛
  • اعتماد التشريعات الفيدرالية  بما في ذلك قانون السلام ، بالإضافة إلى قوانين الولاية لتقييد استخدام الشرطة للقوة فقط لما هو ضروري ومتناسب تماما؛
  • إنهاء مبدأ “الحصانة المؤهلة” ، الذي يمنع الشرطة من المساءلة القانونية عند خرق القانون؛
  • اعتماد تشريع اتحادي لنزع سلاح قوات الشرطة.

وقال بريان غريفي، وهو باحث استشاري بفرع الولايات المتحدة الأمريكية لمنظمة العفو الدولية: “هناك حاجة إلى إجراء إصلاح حقيقي ومنهجي ودائم للشرطة، على جميع المستويات، لضمان شعور الناس في جميع أنحاء البلاد بالأمن والأمان في السير في الشوارع، والتعبير عن آرائهم بحرية وسلمية، دون مواجهة تهديد حقيقي بالضرر من الضباط الذين من المفترض أن يوفروا لهم الحماية. وهذا حق دستوري ينعكس في القانون الدولي لحقوق الإنسان. فإنكار هذا الحق باستخدام العنف البدني والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل ما هو إلا سمة مميزة للقمع. “